الفلك والفضاء

زخات الشهب والنيازك

اقرأ في هذا المقال
  • الشهب والنيازك هي كويكبات صغيرة أو اجزاء من الغبار الكوني تدخل الغلاف الجوي لكوكب الارض. والفرق بينها هو ان الشهب لا تصل الى سطح الارض حيث تحترق في طبقات الغلاف الجوي، لكن النيازك تتمكن من الوصول لسطح الارض واحداث بعض الاضرار التي تتناسب مع حجم هذه الاجسام الساقطة. سنتكلم بالتفصيل عن هذه الاجسام وانواعها في هذا المقال

مشاهدة زخات الشهب في ليلة صافية ومظلمة هي تجربة لا تُنسى

تحدث زخات الشهب حال دخول جزيئات من الكويكبات أو المذنبات أو الغبار الكوني إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة عالية. حال اصطدامها بالغلاف الجوي، تحتك هذه الأجسام بجزيئات الهواء، مما يؤدي إلى تسخينها و توهجها. تعمل الحرارة المتولدة على حرق هذه الاجسام فلا يسقط منها أي شيء على سطح الأرض وفي هذه الحالة تسمى بالشهب، أما في حال عدم احتراقها كليًا أثناء عبور الغلاف الجوي، وبالتالي هبوط بعض من اجزائها على سطح الأرض، يُطلق عليها اسم النيازك.

توجد زخات طائشة من الأجسام التي تضرب الأرض من جميع الاتجاهات، وهناك أيضًا زخات موقوتة تضرب الأرض بشكل منتظم.

تصبح معظم الشهب مرئية على ارتفاع 96.5 كيلومترًا (60 ميل). تتناثر بعض النيازك الكبيرة، مما يتسبب في وميض أكثر إشراقًا يسمى بالكرة النارية، والتي يمكن رؤيتها غالبًا أثناء النهار وسماعها عن بعد 48 كيلو متر (30 ميلاً). في المتوسط، يمكن للنيازك أن تسقط عبر الغلاف الجوي للأرض بسرعة 48,280 كم/ساعة (30.000 ميل في الساعة) وتصل إلى درجات حرارة تبلغ حوالي 1,648 درجة مئوية (3,000 درجة فهرنهايت).

التأثير على الأرض

تأثير الشهب والنيازك على الأرض
تأثير الشهب والنيازك على الأرض

عندما تصطدم النيازك بالأرض، تكون سرعتها نصف ما كانت عليه وقت دخولها الغلاف الجوي تقريبًا، وتقوم حينها بتكوين وتفجير حفر بحجم 12 إلى 20 ضعف حجمها على سطح الأرض، مما بتسبب بتشكل فوهات على الأرض كتلك التي تتشكل على القمر أو أي كوكب صخري.

من الجدير بالذكر أن النيازك الأصغر حجما تخلق حفرًا أعمق تكون في العادة على شكل وعاء.

يمكن أن تنفجر النيازك الكبيرة فوق السطح، مسببة أضرارًا واسعة النطاق بسبب الانفجار والنار التي تتلو الاصطدام، حدث هذا في عام 1908 فوق سيبيريا، فيما يسمى بحدث تونجوسكا. في 30 يونيو 1908، على بعد مئات الأميال، رأى الشهود كرة من النار تتدفق عبر السماء، مما يشير إلى أن النيزك دخل الغلاف الجوي بزاوية مائلة. وانفجرت مرسلة موجات حارة من الهواء وأصواتا عالية، و عند سقوطها هزت الأرض بدرجة كافية لتحطيم النوافذ في القرى المجاورة. أضاءت جزيئات صغيرة في الغلاف الجوي سماء الليل لعدة أيام متتالية و لم يتم العثور على النيزك على الإطلاق، وظن العديد من العلماء لسنوات أن الدمار سببه مذنب، حيث ان النظرية السائدة ترى أن هذا الجسم الساقط قد انفجر فوق السطح مباشرة.

وقع حدث مماثل فوق تشيليابينسك في روسيا، عندما انفجرت صخرة طولها 17 مترًا على ارتفاع 12 إلى 15 ميلًا فوق سطح الأرض في 15 فبراير 2013، مما أدى إلى إتلاف المباني وإصابة أكثر من 1000 شخص. وفقًا لبيان صادر عن بيتر براون من جامعة ويسترن أونتاريو في كندا، فإن طاقة الانفجار الناتج تجاوزت 470 كيلو طنًا من مادة TNT أي ما يصل الى 40 ضعف قوة القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية خلال الحرب العالمية.

على الرغم من أن ما حصل في روسيا سلط الضوء على الخطر المحتمل أن تتعرض له الأرض من الصخور الفضائية، إلا أن معظم النيازك لا تسبب نفس القدر من الضرر. ومع ذلك، لا تزال ناسا والكيانات الأخرى تتعقب بدقة جميع الكويكبات المرئية من الأرض، وتشارك بنشاط في اكتشاف أكبر عدد ممكن من النيازك – خاصة كبيرة الحجم منها والتي من شأنها أن تشكل تهديدًا (نظريًا) على الأرض حيث يتم رسم مدارات النيازك وتتبعها لمعرفة ما إذا كانت ستتقاطع مع الأرض في المستقبل.

على الرغم من عدم مصادفة على أي نيزك يمثل تهديدًا وشيكًا، تواصل وكالة ناسا البحث وتقوم بنشر النتائج علنًا على متصفح قاعدة بيانات الخاصة بها.

المقاييس في التاريخ

المقاييس في التاريخ
المقاييس في التاريخ

في العصور القديمة، كانت الأشياء الموجودة في سماء الليل تستحضر الخرافات وترتبط بالآلهة والدين. لكن الغموض الذي أحاط بموضوع النيازك استمر لفترات أطول مما كان عليه الحال بالنسبة لأغلبية الأجرام السماوية الأخرى.

كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن النيازك (الاجزاء التي تصل إلى الأرض) هي هدايا قامت الملائكة بإلقائها على الأرض. اعتقد البعض الآخر أن النيازك إشارة على غضب الآلهة منهم.

في أواخر القرن السابع عشر، اعتقد الكثيرون أن النيازك تسقط بفعل العواصف الرعدية، ولكن كان العديد من العلماء متشككين في إمكانية سقوط الحجارة من الغيوم أو السماء، وغالبًا ما لم يصدقوا ببساطة روايات الأشخاص الذين زعموا أنهم شاهدوا مثل هذه الأشياء.

في عام 1807، انفجرت كرة نارية فوق ولاية كونيتيكت الأمريكية، وأمطرت الأرض بعدد كبير من النيازك. بحلول ذلك الوقت، تم اكتشاف أول مجموعة من النيازك، وظهرت نظرية جديدة تشير إلى أن النيازك كانت عبارة عن أجزاء مكسورة من كويكبات أو كواكب أخرى (وهي نظرية لا تزال قائمة).

سقط أكبر نيزك تم اكتشافه في الولايات المتحدة الأمريكية، تحديدًا في حقل قمح في جنوب ولاية نبراسكا عام 1948، وأفاد شهود عيان بأنهم رأوا كرة نارية عملاقة في فترة ما بعد الظهيرة، حيث قال البعض إنها أشد توهجًا وإشراقًا من الشمس، وتم العثور على النيزك مدفونًا على عمق 3 أمتار في الأرض، وكان يزن 1،070 كيلو جرام.

تعتبر الحفرة الواقعة في ولاية أريزونا الأمريكية أشهر حفرة نيزكية على وجه الأرض، حيث ترتفع حافتها مسافة 45 مترًا (150 قدمًا) عن السهل المحيط بها، ويبلغ عمق الحفرة 180 مترًا (600 قدم) وعرضها 1.5 كيلو متر تقريبًا. كانت هذه أول حفرة يثبت العلماء حدوثها نتيجة اصطدام نيزك بالأرض منذ ما يقارب 20,000 و50,000 سنة مضت.

زخات النيازك الدورية

زخات النيازك الدورية
زخات النيازك الدورية

غالبًا ما تُرى شهب تتساقط من السماء وحدها، ولكن هناك أوقات معينة في السنة تضيء فيها عشرات أو حتى مئات النيازك خلال الساعة، وتبدو كأنها قادمة من جزء واحد من السماء، تشع في جميع الاتجاهات، وتسقط باتجاه الأرض واحدة تلو الأخرى.

هناك عدد كبير من زخات الشهب والنيازك الدورية التي ينتظرها علماء الفلك والمراقبون الهواة في كل عام. تمت تسمية زخات النيازك على اسم الأبراج التي يبدو أن زخات النيزك تأتي من صوبها. على سبيل المثال، يرجّح علماء الفلك أن شهب Orionids قد نشأت من كوكبة Orion القوية، بينما يرجح أن شهب Perseid قادمة من كوكبة Perseus.

ليونيد:

زخات ليونيد هي بلا شك الأكثر سطوعًا والأكثر إثارة للإعجاب، والذي يمكن أن تنتج عاصفة نيزكية تغمر السماء بآلاف النيازك في الدقيقة الواحدة في وقت الذروة. في الواقع، تمت صياغة مصطلح “الزخات النيزكية” بعد أن ملاحظة علماء الفلك واحدًا من أكثر عروض ليونيد إثارة للإعجاب في عام 1833. تحدث ليونيد كل شهر نوفمبر، لكن تكون هذه الزخات في قمة جمالها مرة كل حوالي 30 عامًا، و بما أن آخر مرة حدث فيها هذا الحدث الرائع الذي أضاء سماء الأرض كانت في عام 2002، لا يتوقع أن يتكرر مرة أخرى قبل عام 2028.

بيرسيدس:

نوع آخر من زخات النيازك الدورية هي زخات Perseid، المرتبطة بمذنب Swift-Tuttle، والذي يستغرق 133 عامًا للدوران حول الشمس. تمر الأرض في مدار المذنب خلال شهر أغسطس من كل عام، ومع انه ليس نشطًا مثل ليونيد، لكنه أكثر كثافة في زخات الشهب التي يمكن مشاهدتها على نطاق واسع من العام. وبلغت هذه الزخات ذروتها في 12 أغسطس مع أكثر من 60 نيزك في الدقيقة.

اوردينوس:

تنتج زخات الشهب Orionid من مذنب هالي، الذي يكمل دورته حول الشمس كل 75 إلى 76 سنة. يحدث Orionid كل شهر أكتوبر ويمكن أن تستمر لمدة أسبوع، و تصل إلى حوالي 50 – 70 شهاب في الساعة في وقت ذروتها.

كوادرانتيد:

يأتي النيزك الرباعي (كوادرانتيد) من حطام كويكب يسمى (2003 EH1)، والذي يعتقد بعض علماء الفلك أنه جزء من مذنب لكنه انفصل عنه منذ قرون. يدخل الحطام الغلاف الجوي للأرض في أوائل شهر يناير ويقدم عرضًا جميلًا لعلماء الفلك والمراقبين الآخرين.

ملاحظات

  • يتمتع الأشخاص المقيمون في نصف الكرة الأرضية الشمالي بأفضلية مشاهدة أجمل زخات النيازك، فعلى سبيل المثال، تقع أمريكا الشمالية مباشرة أسفل منطقة السماء حيث تظهر نيازك يناير الرباعية.
  • يمكن لضوء القمر الساطع أن يعيق رؤية زخات النيازك بطريقة جيدة، مما يؤدي إلى عدم ملاحظة البشر الُا للألمع منها. يخفف التلوث الضوئي في المدن من آفاق المشاهدة أيضًا، لذا فإن أفضل مكان لمشاهدة زخات الشهب هو من خارج المدن وفي الأماكن الريفية.
  • يكون الوقت الأنسب لمشاهدة معظم زخات الشهب في ساعات ما قبل الفجر، عندما يكون الجزء الذي تقف عليه من الأرض مقابلًا لاتجاه دورانها.  ومن المهم أن تعرف أن النيازك تكون أقل تواترًا في ساعات المساء المتأخرة.
  • يمكن رؤية زخات الشهب والنيازك في أوقات مختلفة من العام اعتمادًا على وقت تقاطع مسار الأرض بمسارات المذنبات أو الكويكبات. بعض زخات الشهب تحدث سنويا، بعضها الآخر يظهر مرة واحدة فقط كل عدة سنوات، في حين أن أفضل عروض زخات الشهب (العواصف النيزكية) تحدث مرة أو مرتين فقط في العمر.
  • يمكن أن يؤدي الطقس أيضًا إلى إعاقة الرؤية الجيدة لزخات الشهب، حيث أن السماء الصافية تساعد بشكل كبير على مشاهدة الشهب و النيازك بطريقة أكثر وضوحًا، وهذا هو السبب وراء سقوط شهب و نيازك خلال فصل الصيف أكثر من تلك التي تقع في أشهر الشتاء.

الخاتمة

تجربة مشاهدة الشهب والنيازك هي تجربة فريدة من نوعها، خصوصًا إذا كنت من الاشخاص الذين يتتبعون هذه الظاهرة. تتوفر العديد من المواقع الالكترونية التي ترصد مواعيد زخات الشهب والنيازك وتخبرك عن مواعيدها والوقت الانسب لمشاهدتها في منطقتك. ويعتبر موقع Time and Date من أفضلها.

إذا قررت ان تخوض هذه التجربة، عليك أن تتقن اختيار المكان المناسب للمراقبة، لذا ننصحك بالذهاب الى مكان بعيد عن المدينة واضوائها الساطعة لتستمتع بهذه التجربة بأكبر قدر ممكن.

هل سبق لك ان شاهدت زخات الشهب من قبل؟ أخبرنا في التعليقات. وإذا اعجبك هذا المقال لا تنسى أن تشاركه مع اصدقائك على فيسبوك، انستجرام وتويتر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى