- تم وصف سيكادا 3301 بأنه "اللغز الأكثر إرباكًا على الإنترنت" وقد تم إدراجه كواحد من "أهم خمسة ألغاز لم يتم حلها الى الآن" من قبل واشنطن بوست. في ثلاث مناسبات، نشرت سيكادا 3301 ألغازًا مذهلة على الإنترنت والديب ويب (الأنترنت المظلم)، بقصد واضح وصريح "تجنيد أفراد أذكياء".
البداية
في الرابع من كانون الثاني (يناير) 2012، نشر مستخدم باسم “3301”على موقع 4Chan -أحد أشهر مواقع المنتديات في حينها- صورةً مكتوب فيها ما يلي:
مرحبا، نحن نبحث عن أشخاص خارقي الذكاء، و لإيجادهم قررنا نشر هذا الاختبار. في هذه الصورة، توجد رسالة خفية. قم بإيجادها وسندلك على طريقة العثور علينا. نحن متحمسون للقاء القلائل الذين سيستطيعون الوصول. حظًا طيبًا
Cicada 3301
خلال دقائق قليلة من نشر الصورة، اكتشف أحد الأشخاص أنه من خلال فتح الرسالة باستخدام محرر نصوص يمكن العثور على سلسلة صغيرة من نص مشفر، وبمجرد فك هذه الشيفرة يتم الحصول على رابط يوجهك الى صورة أخرى.
في البداية بدا هذا وكأنه طريق مسدود ولكن استطاع أحد المهتمين باستخدام تطبيق يعرف باسم Outguess من استخراج المعلومات المخفية المضمنة في هذه الصورة.
كانت هذه المعلومات المستخرجة تؤدي إلى مقال على موقع Reddit والتي بدورها تحتوي على معلومات حول كتاب.
بعد ذلك تم النظر في هذا الكتاب وفك الشيفرات التي يحتوي عليها، حيث تمكن بعض المهتمين من الحصول على رقم هاتف عمومي، وعند الاتصال به، يتم تشغيل رسالة صوتية مسجلة مسبقًا تقول:
جيد جدًا، لقد احسنتم. هناك 3 ارقام أولية -تقبل القسمة على نفسها أو على 1 فقط- مرتبطة بالصورة الأولى التي قمنا بنشرها. أحد هذه الأرقام هو 3301، اما بالنسبة للرقمين التاليين فسيتعين عليكم إيجادها بأنفسكم. بعد حصولكم على جميع الأرقام يجب عليكم ضربها جميعا ببعضها وإضافة الرمز “com.” مما سيقودكم الى موقع على الأنترنت تجدون فيه الخطوة التالية. حظًا موفقًا. مع السلامة
بحلول اليوم التالي، تمت إعادة نشر الصورة الأولى بالإضافة الى الرسالة الصوتية في جميع أنحاء الإنترنت ليتمكن المهتمون من حل اللغز الجديد. سعى عدد متزايد من المحققين إلى حل هذا اللغز المحكم ولكن لم يكن أحد منهم متأكدًا مما يجب فعله.
- ما هو اللغز؟
- من وراءه؟
- ماذا يحدث عندما تصل للنهاية؟
من الطبيعي أن يعتقد البعض أنها مزحة معقدة بينما يرى البعض الآخر أن تعقيد الألغاز الى هذه الدرجة هو دليل جازم على كونها حقيقية ومن صنع مؤسسة كبيرة ذات أهداف غامضة.
لم يمض وقت طويل حتى بدأت الشائعات تنتشر بأن هذا يمكن أن يكون من عمل بعض الجمعيات السرية أو وكالة استخبارات لدولة معينة بقصد تجنيد أفراد متمرسين، خصوصًا ممن لديهم الخبرة الكافية في مجال التشفير وإخفاء المعلومات والمجالات الأخرى ذات الصلة. بالطبع، لم يستطع أحد أن يؤكد أو ينفي أي من هذه الشائعات.
في النهاية استطاع بعض المحققين معرفة أن الرقمين المفقودين المذكورين في التسجيل هما أبعاد الصورة الأصلية (الطول والعرض)، وبعد ضرب العرض والطول بـ 3301 تم استخدام الرقم الحاصل كعنوان ويب بناءً على التعليمات.
تم نقل المحققين إلى صفحة ويب تحتوي على عد تنازلي بالإضافة إلى صورة لحشرة السيكادا (حشرة تشبه الذبابة)، وعندما وصل العد التنازلي إلى الصفر، تم تحديث الصفحة بقائمة من الإحداثيات التي تشير إلى عدة مواقع في أنحاء عدة حول العالم، 14 موقعًا في 5 دول مختلفة. أصبح أمر إكمال هذه اللغز بيد المحققين الذين يعيشون بالقرب من الإحداثيات المذكورة.
شعر الأشخاص اللذين اعتقدوا أن 3301 هو عمل منظمة سرية أن معتقداتهم حقيقية بالفعل، فلماذا يتكبد فرد أو مجموعة تسعى الى المزاح فقط عناء توزيع الرموز التي ستستخدم في حل هذا اللغز على 14 موقعًا مختلفا حول العالم؟
القليل فقط من المنظمات الدولية تمتلك الوسائل والموارد الكافية لإنشاء لغز بهذا الحجم.
مع استمرار التحقيقات تبين وجود ملصق يحتوي على رسمة لحشرة السيكادا بالإضافة الى رمز QR في كل موقع من المواقع المذكورة.
كالعادة، الرموز كانت مرتبطة بصورة، الصورة تحتوي على لغز، واللغز يؤدي إلى كتاب، و الكتاب يؤدي إلى موقع ويب. لكن هذه المرة، أخذ اللغز منعطفاً غير متوقع، حيث تم قبول مجموعة مختارة فقط من المحققين الأوائل الذين توصلوا الى حل هذه الشيفرات وتوجيههم إلى موقع الويب الذي يؤدي الى المرحلة النهائية من اللغز. أما بالنسبة للذين حلوا اللغز متأخرًا ووصلوا لموقع الويب فقد وجدوا أن الموقع قد تم إغلاقه وكانت الرسالة الظاهرة فيه تقول:
نريد الأفضل فقط، و ليس من يتبعونهم
كما تم تحذير المتأهلين للتصفيات النهائية من التعاون مع الآخرين أو مشاركة أي تفاصيل تخص اللغز عن المراحل القادمة. نستطيع القول إن هذا التحذير لم يلق اهمية كبيرة عند بعض المتأهلين، ولكن فقط أولئك الذين اخذوا التحذير بعين الاعتبار تمكنوا من التقدم الى المراحل النهائية من اللغز وتم إقصاء الباقي.
بعد ما يقرب من شهر من الصمت ظهرت رسالة على موقع Reddit تعلن عن النتيجة النهائية للغز، وبهذا الشكل، انتهت المسابقة. كان نص الرسالة:
الآن نستطيع القول أننا وجدنا الأشخاص الذين نبحث عنهم و بذلك تنتهي رحلتنا. شكرًا لكم على جهودكم. إذا كنتم ممن حاولوا حل اللغز ولم تتمكنوا من ذلك، لا تيأسوا. سيكون هناك فرص اخرى مثل هذه مستقبلًا. شكرا للجميع.
Cicada 3301
من المفترض أن سيكادا قد نجحوا في العثور على “الأفراد الأذكياء” الذين كانوا يبحثون عنهم وبقي ما حدث لهم بعد ذلك بقي محاطًا بالغموض. ولهذا السبب فسر الكثيرون هذا الغموض على أن هذه اللعبة بكل مراحلها لم تكن سوى محاولة لإضاعة وقت الجميع، ففي النهاية ظلت الأسئلة التي أثارتها الصورة الأصلية دون إجابة…
- ما هو اللغز؟
- من وراءه؟
- ماذا يحدث عندما تصل للنهاية؟
ولكن اتضح فيما بعد، أن هذه كانت البداية فقط.
توقيع مشفر
من المؤكد أن من كان وراء هذه اللعبة المعقدة يتمتع بالحنكة لتضمين رمز يُعرف باسم “توقيع PGP” -وهو توقيع إلكتروني مشفر بطريقة معقدة بحيث لا يمكن تزويره- مع كل دليل او صورة جديدة تصدر عن المجموعة بحيث يسمح هذا التوقيع للمشاركين بالتأكد من أن كل صورة أو رسالة تصدر في هذه اللعبة هي بالفعل من سيكادا وليس من أي محتال يسعى إلى تضليل المشاركين عن طريق انتحال اسم سيكادا وبث رموز أو رسائل مزورة. و قامت سيكادا ايضًا في أكثر من مرة من تحذير المشتركين من أي رموز أو رسائل مزورة لا تحتوي على توقيع PGP الخاص بسيكادا، حيث يتوجب على المشتركين تجاهل أي دليل لا يحتوي توقيع PGP صالح على الفور.
بعد رسالة سيكادا الأخيرة التي تذكر أن اللعبة قد انتهت، ظهرت المئات من الرسائل التي تزعم انها من سيكادا و لكن بوجود طريقة التحقق بتوقيع PGP” تبين أن جميع هذه الرسائل كانت مزورة، ولكن بعد مرور سنة كاملة ظهرت رسالة من سيكادا على الإنترنت تحتوي التوقيع الأصلي، مما أثار موجة من الجنون بين مجتمع المتابعين. نص الرسالة كالتالي:
مرحبا، قررنا استئناف بحثنا عن أشخاص أذكياء.
الدليل الأول مخفي ضمن هذه الرسالة. قم بإيجاد هذا الدليل و ستعرف الطريقة التي سيمكنك إيجادنا من خلالها. نحن متحمسون للقاء القلائل الذين سيستطيعون الوصول.
حظًا طيبًا
Cicada 3301
بعد عام من التقليد الباهت، تطابقت هذه الصورة أخيرًا مع توقيع PGP الرسمي لسيكادا. إذًا عاد سيكادا وحان وقت الجولة الثانية.
الجولة الثانية
لم يكن اللغز الثاني مختلفًا جدًا عن الأول، و كالعادة الصورة مرفقة برسالة، الرسالة تؤدي إلى كتاب، الكتاب يقود الى موقع على الإنترنت و هكذا الى أن يتمكن الصفوة من المشاركين من كشف اللغز تدريجيا، لكن هذه المرة و في مرحلة ما، تم الوصول الى تسجيل صوتي بعنوان The Instar Emergence و بعد ان استغرق المشاركون الكثير من الوقت في فك شيفرة هذا التسجيل الصوتي، قادهم ذلك الى الدليل التالي و كان حساب مشفر على موقع Twitter يحتوي على صورة واحدة وجد أنها أحد أهم الدلائل لحل لغز سيكادا الجديد. كانت الصورة عبارة عن حروف أبجدية عديمة المعنى و فشل المحققون في كشف المغزى منها مهما حاولوا.
و فجأة، وجد المحققون رموزًا جديدة تشير الى عدة أماكن حول العالم و كانت هذه المرة الأولى التي يجد فيها المحققون دلائل جديدة بدون أن يتمكنوا من حل التي قبلها و مثل اللغز الأول، أجبر المشاركين، مرة أخرى، على النزول إلى الشوارع بحثًا عن ملصقات غامضة. هذه المرة كانت الملصقات موزعة في 8 مواقع في 4 دول مختلفة حول العالم.
ولكن نظرا لصعوبة هذه المهمة و تكرار الأحداث اتخذت الأمور مسارًا باردًا، مما أدى الى انسحاب العديد من المشاركين -و هو ما كانت سيكادا تريده تمامًا- حيث قام عدد قليل من المشاركين بإيجاد الرموز المنتشرة والإكمال في المسابقة وتم قبول عدد محدود منهم في المرحلة السرية الأخيرة من اللغز.
على عكس اللغز الأول، لم يختتم الثاني برسالة رسمية من سيكادا توضح انتهاء المسابقة حيث انتهى الأمر ببساطة واختفت سيكادا مرة أخرى بدون ترك أي تفسير… ومع ذلك، لم تكن هذه هي النهاية.
الجولة الثالثة
في بداية عام 2014 حان وقت الجولة الثالثة التي بدأت بنفس الأسلوب و لكن هذه المرة، بدا اللغز وكأنه يدور حول كتاب غريب… كتاب تم الكشف عنه بعد أن تخطى المشاركون المرحلة الأولى من هذه الجولة. كان عنوان الكتاب Liber Primus، أي الكتاب الأول باللغة اللاتينية، ومن الواضح أنه من تأليف سيكادا. و هنا أصبحت الحروف الأبجدية التي تم الكشف عنها في عام 2013 ذات فائدة أخيرًا لأن الكتاب كان مكتوبًا بشكل أساسي بهذه الحروف.
ومع ذلك، كان معنى الصفحات المترجمة غامضًا في أحسن الأحوال حيث يتألف الكتاب من أفكار فلسفية مختلفة و على ما يبدو أنها أفكار و فلسفة مجموعة سيكادا نفسهم.
وجد الكثيرون تشابها من نوع ما بين هذه الكتابات الغريبة و كتابات بعض الطوائف الدينية، ومع ذلك، تضمن الكتاب أيضًا عددًا لا يحصى من الرموز و الشيفرات التي لم يتمكن أحد من حلها… على سبيل المثال، نصت إحدى صفحات الكتاب أنه على المشاركين البحث عن موقع ويب موجود على الديب ويب (Deep Web) و لكن لم يستطع أحد الوصول الى هذا الموقع الى يومنا هذا. تؤدي صفحة أخرى من الكتاب إلى موقع ويب يحتوي على تسجيل صوتي آخر بعنوان “الترابط” لم يستطع المشاركون فهمه أو إيجاد المغزى من وجوده. أضف الى ذلك أن جزءًا كبيرًا من الكتاب لم تتم ترجمته بعد.
يبدو أن النص في بعض صفحات الكتاب قد تم تحصينه جيدًا بواسطة طبقات من التشفير التي لم يتم فك تشفيرها بعد، حيث أنه من بين 74 صفحة، تمت ترجمة 19 صفحة فقط بنجاح. و مع حلول عام 2015 و انقضائه بدون إطلاق لغز جديد، استنتج الكثيرون أنه لابد من إكمال ترجمة كتاب Liber Primus و فك شيفراته قبل أن تفكر سيكادا بالعودة، حيث تم تأكيد هذه المعلومة بشكل أو بآخر في بداية عام 2016 عندما قامت سيكادا بتشجيع المحققين على إعادة النظر في الكتاب.
لقد مرت أكثر من خمس سنوات حتى الآن بدون إحراز اي قدر ممكن من التقدم في ترجمة الكتاب و بالتالي صمت شبه كامل من سيكادا، و الى اليوم لم نستطع الإجابة على الأسئلة الأصلية التي أثارتها أول صورة قامت سيكادا بنشرها!
- ما هو اللغز؟
- من وراءه؟
- ماذا يحدث عندما تصل للنهاية؟
بعض الفرضيات
عندما ظهرت الصورة الأولى على موقع 4Chan في عام 2012، افترض الكثيرون أن Cicada 3301 هي مجرد لعبة تم تصميمها من قبل شركة ما للترويج لخدمة أو منتج جديد، و كان هذا الافتراض مبررًا بسبب قيام العديد من الشركات بإطلاق ألعاب من هذا النوع لغايات ترويجية سابقًا، على سبيل المثال، قامت مايكروسوفت في عام 2001 بإصدار لعبة مماثلة اتضح انها عبارة عن مجرد حملة ترويجية لأحد منتجاتها.
لكن في حالة سيكادا بسبب بقاء الألغاز بدون حلول بالإضافة الى الافتقار التام للتسويق زال هذا الاحتمال بشكل أو بآخر.
يمكننا تصديق بعض المعلومات المسربة الموجودة على الإنترنت بخصوص هذه المجموعة (سيكادا)، فعلى سبيل المثال، في نهاية اللغز الأول، ظهر بعض الاشخاص الذين زعموا أنهم من المتأهلين للتصفيات النهائية و قالوا انهم قد تلقوا بريدًا الكترونيًا من سيكادا يقولون فيه أنهم مجموعة دولية تعتقد أن الخصوصية حق غير قابل للنقاش و أن الهدف من كل هذه الالغاز هو تجنيد أفراد ذوي مهارات عالية و تفكير مماثل في محاولة لتطوير حلول إلكترونية تعزز الخصوصية.
المشكلة هي أن هذه الرسالة لا تحتوي على توقيع PGP، الذي كان سيؤكد ان هذا البريد الإلكتروني هو فعلا من سيكادا.
و في مقابلة تمت عام 2015 مع اثنين من الفائزين المزعومين في اللغز الأول، أفادوا أنهم بعد تلقيهم بريدًا إلكترونيًا من سيكادا، تم نقلهم إلى موقع على الإنترنت المظلم (Deep Web) حيث يمكنهم التواصل مع حوالي عشرين من المجندين بالإضافة إلى أعضاء مؤسسين لسيكادا.
قيل لهم أن Cicada 3301 قد تم تأسيسها من قبل مجموعة من الأصدقاء الذين يتشاركون المثل العليا نفسها حول الأمن والخصوصية والرقابة. كان الهدف من الألغاز هو تجنيد فريق للعمل الجماعي على تطوير تطبيقات و برامج تتماشى مع فكرة الخصوصية و الأمان. ولكن نظرًا لعدم وجود أي حوافز من طرف سيكادا، بدء المجندون يفقدون الاهتمام بسرعة.
ومع نهاية عام 2012، غادر جميع المجندين باستثناء واحد فقط، وبعد بضعة أشهر اختفى الموقع تمامًا. في النهاية أصدرت سيكادا آخر بيان علني لها في أبريل من عام 2017، تحذر فيه من المعلومات المضللة فقط، لكن الوضع الحالي للغز الثالث أو احتمال وجود لغز رابع لا يزال قيد الغموض.
الخاتمة
يرى أغلبية الناس أنه لن يتم حل لغز سيكادا 3301 قبل التوصل لفك جميع شيفرات كتاب “ليبري بريموس”، لكن لم يعد لدى الكثيرين دافع قوي لبذل هذا الجهد و كشف الستار عن هذا اللغز الكبير. بالمقابل، يرى البعض الآخر ان لغز سيكادا قد تم حله أصلا من قِبَل عدد ليس بقليل من الأشخاص، لكن سبب عدم معرفتنا بهم يعود لانضمامهم لسيكادا والتي هي منظمة سرية على حد تعبيرهم.
ما رأيك أنت؟ أخبرنا في التعليقات أسفل هذا المقال. وإذا اعجبك هذا المقال لا تنسى أن تشاركه مع اصدقائك على فيسبوك، انستجرام وتويتر.
اريد ان اكون هاكرز